توافق اليوم الذكرى 56 لهدم قوات الاحتلال حارة المغاربة الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك بشكل كامل وتسويتها بالأرض، في جريمة بدأت ليلة السبت العاشر من يونيو/حزيران 1967، عند الساعة الحادية عشرة مساء.
وخلال أربع ساعات هدمت جرافات الاحتلال (الإسرائيلي) حارة المغاربة بأكملها، التي عرفت عبر التاريخ أنها من أقدم حارات القدس، وكان مجموع المباني التي دمرت آنذاك 135 بناءً أثريًا.
بعد هدم الحي بالكامل لم يتبق سوى زاوية المغاربة والتي يقيم فيها اليوم مجموعة قليلة من العائلات المغربية الذين عايشوا الهدم، بينما عاد جزء كبير منهم للمغرب عقب التهجير، وقسم استقر في مناطق أخرى بالقدس المحتلة.
تهويد مستمر
هدم الاحتلال حارة المغاربة على 3 مراحل، إذ دمّر البيوت وما حولها عام 1967، ومجمع الزاوية الفخرية عام 1969، وأزال جزءا من تلة باب المغاربة عام 2007، كما هدم الاحتلال الطريق الواصل لباب المغاربة لمنع المقدسيين من العبور، وأصبحت الحارة ساحة فارغة يؤدي اليهود طقوسهم التلمودية فيها.
وأقام الاحتلال جسرا خشبيا بدعائم حديدية، لتسهيل اقتحامات المستوطنين، وبعد ذلك بنى أسفله كنيسا يهوديا مربوطا بنفق.
وعام 2012 أزال الاحتلال عددا من الحجارة الأثرية التي تعود إلى العصرين الأيوبي والمملوكي في الجدران الشمالية لطريق باب المغاربة، وفرّغ الأتربة أسفل محراب مسجد "الأفضل علي بن صلاح الدين الأيوبي" الذي يعد الأثر الوحيد الباقي من المسجد بعد هدم حارة المغاربة، والملتصق بالواجهة الشمالية من الطريق.
وتواصلت الانتهاكات والأعمال الإسرائيلية في المكان حتى عام 2018، إذ وقع حجر من الجهة الجنوبية لسور الأقصى الغربي، ليبدأ الاحتلال بعد ذلك بنصب سقالات على السور، بحجة ترميمه، لكنها تنزاح رويدا رويدا نحو الشمال، الأمر الذي يهدد باختراق الاحتلال لسور الأقصى وإحداث ثغرات فيه.
سيطرة وتقسيم
ويعمل الاحتلال حالياً على توسعة باب المغاربة بهدف السيطرة على المسجد الأقصى المبارك، وفرض التقسيم الزماني والمكاني من خلال زيادة أعداد المقتحمين.
وانتهت سلطات الاحتلال العام الماضي من عملية تشييد مبنى تهويدي جديد يضم كنيساً يهودياً ومدارس توراتية ومصفات لسيارات المستوطنين، في حي المغاربة الملاصق للمسجد الأقصى المبارك.
ويشمل المبنى الذي بدأ العمل به عام 2017، عدة طوابق قرب حائط البراق، لاستيعاب أكبر عدد من المستوطنين الذين يقتحمون المنطقة.
وقال الباحث المقدسي جمال عمرو إن الاحتلال يدمر ما تبقى من حي المغاربة أمام أعين العالم بكل بساطة.
وأشار إلى أن زاوية المغاربة التي بقيت من الحي وجمعت ضيوف القدس طوال عقود، باتت محاطة الآن بالمستوطنين وثكنة عسكرية.
تاريخ حارة المغاربة
كانت الحارة التي تقع في الجنوب الغربي للقدس وغرب المسجد الأقصى، وقفاً للمجاهدين المغاربة الذين شاركوا في فتح القدس وتحريرها من الصليبيين، وبقيت باسمهم.
يحد حارة المغاربة من جهة الجنوب، سور القدس وباب المغاربة؛ ومن الشرق الزاوية الفخرية، ويليها المسجد الأقصى المبارك؛ ومن جهة الشمال المدرسة التنكزية وقنطرة أم البنات؛ ومن جهة الغرب حارة الشرف.
شغلت حارة المغاربة مساحة تقدر بخمسة وأربعين ألف متر مربع؛ وشكلت ما نسبته 5% من مساحة القدس القديمة، وامتدت قبل العهد العثماني إلى خارج السور؛ فعرفت بـ"حارة المغاربة البرانية".
مسلك النبي
تشير الروايات إلى أن النبي محمد عليه الصلاة والسلام دخل مدينة القدس من بابها اليماني، (أصبح موضعه يعرف بباب المغاربة)؛ وسلك الحارة تأكيداً منه على المكانة التي تميّز بها هذا الموضع القريب جداً من حائط البراق.
ارتبط تاريخ حارة المغاربة بوجود حائط البراق، وتزايدت أعداد المغاربة الذين فضّلوا الاستقرار في الديار المقدسة، بعد تحريرها من الفرنجة سنة 583هـ/1187م.
المجاهدون المغاربة
ساهم المغاربة في حركة الجهاد الإسلامي ضد الفرنجة، وكان لهم دورٌ بارزٌ في فتح بيت المقدس؛ بعد طلب الناصر صلاح الدين الأيوبي من سلطان المغرب (يعقوب المنصور) الذي جهز أسطولًا كبيراً لمساندة الجيش الإسلامي في المشرق العربي.
وقد أسكن الناصر صلاح الدين الأيوبي أعداداً من المغاربة في بيت المقدس، بعد انتصار المسلمين في معركة حطين وفتح بيت المقدس؛ ثم أوقف الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين المساكن المحيطة بحائط البراق على مصالح الجالية المغربية المجاورة في القدس.
حرية نيوز