في أحد أحياء مدينة غزة المنكوبة، حيث الحياة بالكاد تنبض وسط الركام والدمار، ووسط أصوات القصف التي تقسم الليل إلى خوف ووجع، وُلدت قصة حب تصارع ما حاول الاحتلال (الإسرائيلي) تدميره.
صابرين الخيري، الشابة العشرينية التي كانت تحلم بحياة هادئة بجانب خطيبها، أصبحت اليوم رمزًا للإرادة والصمود في وجه الألم.
كانت صابرين تجهّز منزلها الجديد مع خطيبها استعدادًا لزفافهما بعد عيد الفطر. لكن القصف (الإسرائيلي) الذي استهدف منزل عائلتها في حي تل الهوا، قلب حياتها رأسًا على عقب.
تحكي صابرين بصوت يختلط فيه الألم بالقوة: "ذهبنا للنوم ونحن ننتظر دخول وقت الهدنة، لكنني استيقظت في مستشفى المعمداني. أخبروني أن عائلتي عثرت عليّ في آخر الشارع بعد أن قذفني الانفجار أمتارًا بعيدًا عن منزلنا".
القصف لم يدمّر منزلها فحسب، بل انتزع منها جزءًا من جسدها. فقدت قدمها اليمنى، وبدأت رحلة طويلة من الألم الجسدي والمعاناة النفسية.
"فقدت قدمي، لكن الأكثر إيلامًا كان فقدان الحلم… المنزل الذي بنيناه معًا، والأمان الذي كنا نعيش فيه."
رغم الكارثة، بقيت يد خطيبها تامر الديب ممسكة بيدها، وكلماته تحاول تضميد جراحها.
"كنا نجهّز بيتنا وننتظر موعد الزفاف، لكن بعد إصابتها تغيّر كل شيء. ومع ذلك، لن أتركها أبدًا. جمعنا الحب، ولن يفرّقنا شيء مهما كان."
تبتسم صابرين رغم الألم وتقول: "يساندني كثيرًا. قال إنه لن يتركني أبدًا، وهذا يمنحني القوة لأواجه كل شيء."
تعيش صابرين اليوم وسط واقع أكثر قسوة من جرحها الشخصي. فالحصار والقصف المستمر حوّلا غزة إلى مكان يفتقد فيه الجرحى والمرضى لأبسط مقومات الحياة والعلاج.
أكثر من 116,000 جريح منذ بدء العدوان، معظمهم من النساء والأطفال، يتكدسون في مستشفيات بالكاد تعمل، وتعاني نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
وتوجه صابرين نداءً إلى العالم، بصوت لم ينكسر: "منذ عام ونصف لا نعيش حياة طبيعية. لا علاج، لا طعام، ولا حتى الحد الأدنى من حقوقنا. نحن نحب الحياة… ونريد أن نعيش بسلام."
قصة صابرين وخطيبها ليست مجرد حكاية حب، بل شهادة حية على قوة الإنسان في مواجهة الظلم. هي صرخة من قلب غزة إلى العالم بأن الحب يمكنه أن يتحدى الحرب، وأن الفلسطينيين يستحقون الحياة… بعيدًا عن الحصار والدمار.