في المغراقة

تتقاسم الفقر والحرمان.. خمس عائلات في منزل واحد

غزة-أمل حبيب-الرسالة نت

رسم الفقر والجوع معالمه في كل جزء من أرجاء المنزل ..خمس وثلاثون فردا يتقاسمون ضيق المكان ..وسوء الحال .. الألم واحد ولكن بأشكال وصور مختلفة بين الاخوة الخمسة وعائلاتهم .

هي سلسلة من حكايات الآلام لإخوة يعيشون في منزل واحد هم ونساؤهم وأطفالهم.. تفتقد معيشتهم الى الكثير من معالم الحياة الطبيعية, فمنظر أطفالهم العشرين وهم يسبحون في الكاز ويصارعون الذباب في معركة البقاء كان محزنا.. وأحلامهم لا تتعدى المصروف اليومي لشراء قطعة حلوى أو "باكيت شيبس".

لاحظ فريق (ألم وأمل) بأن بعض أجزاء المنزل تغطيها ألواح الزينقو والبعض الآخر (باطون).. وفراش قديم تفوح منه رائحة الرطوبة والمرض وهو عبارة كل ما تملكه كل عائلة من اثاث في المنزل المشترك.

بدأت كل واحدة من الزوجات بسرد حكاية ألمها , أم عبير لديها أربع فتيات وغرفتها بلا شباك أو سرير أو مرآة سوى نصف خزانة بدون باب لتلملم بقايا ثياب بناتها. بعد أن ضاق بها الحال لجأت ام عبير للمسجد القريب من مسكنهم علها تجد يد المساعدة من أهل الخير , وتقول :" زوجي مصاب بأزمة صدرية والبخاخ لا يفارق يده؛ لأنه يتأثر من الغبار أو أي رائحة. وضعه الصحي لا يسمح له بالعمل كأي انسان عادي ".

ويتمنى أبو عبير بأن يجد عملا يتناسب مع وضعه الصحي حتى يجد لقمة عيشه هو أطفاله .

أما أم فارس وهي زوجة الأخ الأكبر تتكون أسرتها من ثمانية أفراد ولديها سرير وخزانة عاف عليها الزمن .. أرادت أم فارس أن تشعر بالاستقلالية في حياتها  فأعدت مطبخا خارجيا لا يتعدى حجم زنزانة العزل الانفرادي, ولكن حمار زوجها  تقاسم معها المكان هو و الذباب الذي يتناول أية وجبة تعدها لأطفالها الجياع .

وفي احدى زوايا غرفة أم فارس تقبع  ماكنة خياطة أكلها الصدأ بسبب عدم توفر المال لشراء القماش وادوات الخياطة , تقول أم فارس :"كان يعمل عليها زوجي رياض لأنه يعاني من أزمة صدرية ولا يقدر على العمل الشاق". 

وتصف أم فارس حالهم بأنهم " زي السلطة .. فوق بعض " متمنية أن يتجاوب أهل الخير مع وضعهم المأساوي ولو بأقل القليل .

رفض فارس (20 عاما) الابن البكر أن تلجأ والدته لطلب المساعدة من المسجد كما فعلت زوجة عمه  مرددا :" ياريت ألاقي شغل " , ويأمل أن يحصل على عمل خاصة أنه يتقن مهنة سمكرة السيارات ليوفر قوت يوم أسرته ولا يجعل والدته تمد يدها لأحد.

أما ام تامر وهي أخت أم عبير فتتكون عائلتها من سبعة أفراد وتسكن غرفة من غير سرير او فراش صحي وزوجها "لا شغلة ولا عملة".

تتشابه تفاصيل الآلام في منزل الاخوة الخمسة فعائلة أبو اسلام تتكون من ثلاثة أفراد وتسكن حجرة خاوية على عروشها كحال من سبقها , ولا شيء يستر وضعهم المحزن سوى الجدران البائسة.

وما يزيد الطين بلة بأن اخاهم السادس سيأتي مع زوجته وأطفاله ليقاسموهم آهاتهم وسوء حالهم, وكانت السلفة السادسة تقطن بيت أهلها لعدم وجود مكان لها , ولكن وبعد نية أخيها الزواج قرر زوجها السكن مع اخوته الخمسة .

" الوضع تحت الصفر " هي كلمات نطق بها وجع أم أحمد وتابعت هي الأخرى سرد  قصة ألمها عليها تجد من يضمد جراحها , قائلة :" كلهم عمال عاطلون عن العمل ... نفسهم يلاقوا شغل ".

وتعاني الطفلتان هديل12 سنة وحنين9 اعوام بنات ام احمد من زيادة في الكهرباء وعدم اتزان في حركة العيون اضافة الى تشنجات يومية, مما دفع والدتهم الى اخراجهم من المدرسة لسوء حالتهم الصحية وخوفا من ان يتعرضوا لحالات التشنج وهم في طريقهم للمدرسة البعيدة عن منزلهم.

لا تتقن هديل التحدث بشكل سليم وكانت تنظر الى قلم ( ألم وأمل ) .. وكأنها تحن الى سنين دراستها القليلة , وعندما سألناها عما اذا كانت تقدر على كتابة اسمها .. أكد جميع الحضور بأنها لا تستطيع , ولكن هديل تحدت الجميع واذهلتهم حينما خطت أناملها الصغيرة حروف كلمة هديل .

ويمكن لهديل أن تعود لمقاعد الدراسة في حال توفر حافلة تقلها هي وشقيقتها للمدرسة , وهي رسالة جديدة في سلسلة الآلام تحتاج الى رد من القلوب الرحيمة .

أما آن الأوان لكل صاحب ضمير حي أن يمد يد العون والمساعدة لهذه الاسرة المنكوبة .. هي دعوة تذكير لكل قلب ينبض بالإيمان بأن تبسمك في وجه أخيك صدقة. 

البث المباشر