قائد الطوفان قائد الطوفان

عائلات في غزة تتقاسم السكن مع الأموات

أطفال من العائلة
أطفال من العائلة

الرسالة نت - نور الدين صالح

يتوارى هشام المُغربي (41عامًا)، وعائلته المكونة من 6 أطفال خلف ألواح "الزينقو" القديمة والأغطية المهترئة، التي لا تحميهم برد الشتاء ولا حر الصيف .

ينظر إلى جدران بيته المتهتكة، ويضرب كفيه يمنى بيسرى، يحدّث نفسه " متى أصاحب الأحياء بدل الأموات ؟".

يخطو هشام تجاه ما تسمى "غرفة النوم" التي تفتقد معالم الحداثة في عصر التطور، تحتوي على خزانة أبوابها مكسّرة بداخلها ملابس بالية، يجاوره في نفس الغرفة غاز طهي أنهكه الصدأ، وحبتين بندورة وباذنجان لا تصلح للأكل الآدمي، جمعها أطفاله من مخلفات السوق.

غرفة النوم والراحة تحولت إلى مكان التعب والشقاء، تخلو من أبسط مكوناتها الأساسية، فراش وأغطية تحميهم من الأفاعي والعقارب الليلية.

هشام وعائلته ينامون في غرفة أرضها لا يفترشها حرير ولا سجاد، بل تكسوها قسوة الأرض وصلابتها.

"حياة ذل، أولادي بخافوا يناموا من العقارب والأفاعي (..), كلنا في غرفة وحدة" بهذه الكلمات يصف هشام لـ"الرسالة نت" قسوة الحياة ومرارتها بين قبور الأموات.

مشاهد تجسدها حياة البؤس في عائلة المغربي، بعد أن اعتزلوا الحياة بين البشر ليعيشوا في أحضان الموتى .

هشام يعاني أمراضا جسدية ونفسية مزمنة أجبرته الخضوع للواقع المرير، تبدأ بتقطع أوتار يده اليسرى واحتوائها على "بلاتين" مرورًا بالتصاق فقرتين من العمود الفقري ببعضها تلزمه عدم الحركة، انتهاءً بمرض نفسي يفقده الوعي في بعض الأحيان لمدة تتجاوز خمسة عشر يوما .

ابنه البكر محمد (11عامًا) وُلِد مصاحبًا المرض، لم يذق طعما لطفولته, فمنذ ولادته، أصيب بمرض (زيادة الشحنات الكهربائية في المخ ).

 يحتاج محمد إلى جرعات من علاج "الجرتول" بشكل متواصل لتخفيف حدته, ولكن أوضاعهم الصعبة لم تسمح له بتوفيره باستمرار، ما أدى إلى جعل المرض ملازمًا له، ويصعب شفاؤه بالكامل .

جبر كحيل (28عامًا)، لم تختلف حاله كثيرا عن جاره، حيث ولد بين الأموات في مقبرة المعمداني الواقعة في حي الزيتون.

 يسكن مع والديه وإخوانه البالغ عددهم 12 فردا، إضافةً إلى زوجته وأطفاله الستة، في بيت واحد مكون من غرفتين أحاطته الحجارة القديمة، واعتلاه سقف من "الأسبست" .

كان يعمل في تركيب "البقوم"، وتعرّض للإصابة إثر سقوطه من علو يفوق الخمسة أمتار على أرض عليها قضبان من الحديد، ما أدى إلى إجراء عملية جراحية له في منطقة البطن اليسرى، الزمته المكوث في البيت.

يخرج جبر صباح كل يوم و أطفاله إلى الشوارع القريبة منهم، لجمع "البرابيش" والبلاستيك الموجودة بجانب الحاويات، محاولةً منه توفير لقمة عيش تغنيه سؤال الناس.   

"وضعنا مأساوي، وعايشين على نفقة أهل الخير" بهذه  الكلمات ناشد جبر كل الضمائر الحية لمساعدته على إعانة أسرته الفقيرة .

البث المباشر