قائد الطوفان قائد الطوفان

"البورنو إخوان" .. دفعا حياتهما تذكرةً لحضور "الكلاسيكو" !

الرسالة نت – أحمد طلبة

الثامنة والنصف بتوقيت غزة من مساء السبت, موعد تجهز فيه العالم بأسره لحضور مباراة "الكلاسيكو" بين قطبي الدوري الإسباني –برشلونة وريال مدريد- وكالعادة يخصص الغزيون وقتاً ويستعدون لمتابعة اللقاء الناري.

وخوفاً من أن تضيع عليه المباراة المجنونة, أسرع محمد البورنو صاحب الـ (21) ربيعاً, لإنجاز وظائفه الجامعية لآخر فصل دراسي قبل تخرجه؛ أملاً في تفريغ وقته لحضور اللقاء الذي كان يرتقبه, بدافع حبه الشديد لكرة القدم.

مؤمن البورنو الشقيق الأصغر لمحمد, والمرافق له في لحظات ما قبل الوفاة, يقول لـ "الرسالة نت", إن أخيه كان يسعى لحل وظائفه الجامعية, لكنه تفاجأ بتعذر الاتصال في الانترنت, الذي يعتمد عليه بشكل كبير في حل نشاطاته.

ويتابع: "كنت متواجداً في الغرفة بصحبة محمد, وقد استعان بأخي محمود (الذي يصغره بسنه واحدة) لمساعدته في توصيل سلك الانترنت من المنزل المجاور؛ حتى يتمكن من أداء واجباته, قبل بداية المباراة".

ويضيف الأخ الأصغر أن محمداً بدأ بتوصيل السلك, وما إن ألقاه خارج شباك المنزل حتى لامس أسلاك "الضغط العالي" -التي تبعد عن شقته التي يسكن بها مسافة طابق واحد- لتقع الفاجعة.

ويشير مؤمن إلى أن التيار الكهربائي الناجم عن أسلاك الضغط العالي المجاورة لمنزلهم, ضرب بمحمد أولاً، وغيرةً علي أخيه أسرع محمود لنجدته, الأمر الذي جعل الكهرباء تمسك به.

ونظراً لصغر سنه وعدم ادراكه لخطورة المشهد, لم يستوعب مؤمن ما يجري, فأسرع للاستنجاد بوالدته لعلها تسعف الموقف, التي دخلت بدورها الغرفة لإنقاذ ولديها اللذان وقعا فريسة للكهرباء.

خليل البورنو ابن عم الفقيدين, يسرد لـ "الرسالة نت" تفاصيل الفاجعة, فيقول: " بعد ربع ساعة من وصولي للمنزل, جلست لأخذ قسط من الراحة, وإذ بصوت صراخ جاب أرجاء المنزل", الأمر الذي دفع به للإسراع بحثاً عن المصدر.

ويضيف -ونبرة الحزن تسيطر على صوته- أنه أسرع إلى شقة عمه الذي يسكن في الطابق الثالث, ودخل غرفة الشقيقين حيث مسرح الحادثة المؤلمة, فوجد محمد ومحمود ملقيان على الأرض, بجانب والدتهما.

رائحة "لحم مشوي" جابت أنحاء الغرفة, محمد ملقى على الارض وقد فارق الحياة, محمود متكئ على سريره وأصبع السبابة مرفوع, وشفتاه تتمتمان مرددتا الشهادتين, الأم بجانب ولديها, وذهول كبير يسيطر على مكان الحادث.

ويتابع البورنو محاولاً اسعاف الشقيقين: " عندما دخلت الغرفة أدركت سبب الوفاة لا زال موجوداً ويشكل خطراً على كل من يحاول تقديم المساعدة", مشيراً إلى أنه استعان بأداة عازلة للكهرباء, في محاولة لدفع البلاء عن مكان الحادثة.

وبعدما نجح خليل في ابعاد "السلك الشرير", أحدث انفجاراً كبيراً جاب دويه أرجاء حي الزيتون شرق مدينة غزة, الأمر الذي أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة للحظات, قبل أن يعود ويكشف معه وفاة الشابين.

ويستطرد: "بعدما أمَّنتُ المكان لم ألق بالاً لمحمود؛ لأنه لازال على قيد الحياة, وأعرت اهتمامي لمحمد وأخذت أحدثه, لكن السكون كان يسيطر على جسده الملقى على الأرض", معلناً بذلك مفارقته للحياة لحظة الحادثة مباشرة.

في لحظات اسعاف محمد الذي فارق الحياة على الفور, كان الأمل لازال يصارع جسد محمود, وما هي إلا دقائق حتى لحق الأخير بالأول؛ ليكون الاثنان رفيقين في الآخرة.

ويلفت خليل إلى أن الأم التي دخلت للغرفة مسرعةً بعد استجابتها لنداء استغاثة من أولادها, نالت نصيباً من "السلك الشرير" الذي أودى بحياة ولديها, وأصابها هي الأخرى بحروق طالت أماكن مختلفة منها, واصفاً نفستها بـ "المكسورة" حزناً على فقد أغلى ما تملك.

وتتواصل محاولات الانقاذ التي لن تجدي نفعاً سيما أن الاخوين قد فارقا الحياة, لكن الام أخذت من الحادثة نصيب, الأمر الذي أجبر خليل على الاتصال بسيارة الاسعاف, التي وصلت المكان وانتشلت الجثتان, واسعفت الوالدة المصابة بحروق.

ويصف خليل الأجواء الحزينة التي سادت المكان على إثر الحادثة المؤلمة, سيما أن الأخوين البورنو كانا يتمتعان بالسمعة الطيبة والخلق الحسن, ولم يُعرف عنهما إلا ما طاب من الكلام, الأمر الذي أحزن جيرانهم بالحي.

البث المباشر