تمكن قبل أيام الأسير المقدسي فهمي مشاهرة من احتضان طفليه من النطف المهربة، بعد خروجه ضمن صفقة وفاء الآحرار ، وقد أصبحوا الآن كبارًا، وهو الذي خاض حربًا من داخل زنزانته "معركة النطف المهربة" ليتحدى بطفليه الاحتلال مرتين وليست مرة واحدة.
تمكن مشاهرة من تهريب "نطف" من داخل السجن للمرة الأولى في 2013، ونجحت التجربة، وأنجبت زوجته سامية مشاهرة ابنته عزيزة، التي تعتبر أول طفلة مقدسية تولد بطريقة النطف المهربة، ثم طفله عيد الذي رأى النور عام 2018 بالطريقة ذاتها.
وقد ترك مشاهرة خلفه طفلته زينة وابنه عبيدة، الذي منعه الاحتلال من زيارته لسنوات طويلة، ولم تكن زينة قد تجاوزت عمرها حين اعتقاله عامين فقط، بينما كانت زوجته حاملًا في شهرها الثامن بعبيدة.
وها هو بعد 23 عامًا في السجون يلتقي بجيش كامل من الأبناء والأحفاد، حيث تزوجت زينة في غيابه وأنجبت ثلاثة أطفال.
أبعد مشاهرة إلى تركيا برفقة شقيقه الأسير رمضان ضمن صفقة طوفان الأحرار، وتحقق حلم الحرية بعد أن كان يقضي حكمًا بالسجن المؤبد 20 مرة.
ولم يكن مشاهرة وحده الذي تحقق حلمه، بل كان الأسير علي نزال لا يصدق عينيه وهو يجلس طفله الذي أنجبه بنطفة مهربة قبل 12 عامًا، يشير إليه ويضحك قائلًا: "هذا نطفة"، بينما يضحك الطفل وهو يلف ذراع والده حول رقبته مستمتعًا بدفء كان بالأمس حلمًا، يضحك الأسير المحرر ويقول: "هذا الشعور لا يُحكى".
اعتقل نزال في عام 2007 بعد محاصرة منزله في قلقيلية، حيث قام بتفجير المنزل الذي كان يستأجره، بعد فشل عدة محاولات سابقة لاعتقاله.
أما الأسير المحرر بكر خريوش، فقد كان يدفع طفلته أمام الكاميرا لتضحك، ويحتضن توأمها بيده الأخرى وهو يبتسم ويقبل وجنتيهما غير مصدق أنه أخيرًا الآن، وبعد ثمانية أشهر من ولادة توأمه محمد وشام، يجلسان بين يديه.
التقى بكر أخيرًا بأطفاله، بعد 6 أعوام من الأسر، عند اعتقاله كانت ابنته الأولى جنان تبلغ من العمر أشهر، والآن عمرها 6 سنوات، كبُرت ووالدها بعيد عنها غيبته السجون، ومحمد وشام أبصرا نور الحياة دون أباهم، ورغم ذلك، كانوا رسالة تحدٍ وصمود في وجه السجان، الذي يسعى جاهدًا لإحباط الأسير وكسر همته وإرادته.
يقول: "حينما جاءني خبر ولادة زوجتي للتوأمين، كان اليوم أشبه بيوم الحرية، غمرت الأفراح كل غرف المعتقلين، شاركوني وهللوا كأنه يوم عرس، وقد كان هذا الخبر مواسيًا لي في بعدي عنهم، ولم أتخيل أن أحتضنهما وأقبلهما كما أنا الآن".
كثيرة هي قصص الأسر، ولكنها كلها تحمل في سطورها قصة تحدٍ من نوع ما. ولعل معارك النطف المهربة كانت من أبرز قصص التحدي التي قهرت السجان، ثم زاد قهره أكبر عندما أصبح هؤلاء الآباء أحرارًا بفضل المقاومة الفلسطينية وتضحيات غزة